من يعبث بفطرة شباب المسلمين؟

أن يسيء اليهود وأمثالهم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتاباتهم وأفلامهم ورسوماتهم، فهو أمر متوقع من أشد الناس كراهية وعداوة لهذا الدين ورسوله الكريم بنص القرآن الكريم {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82]، أما أن ينحرف بعض شباب المسلمين عن فطرته السليمة، ويتنكب عن الجادة القويمة، إلى مهاوي المساس بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أمر في غاية الخطورة، ولا بد من معرفة أسبابه ومعالجتها بأسرع ما يمكن.

  • التصنيفات: الواقع المعاصر -
 

أن يسيء اليهود وأمثالهم للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في كتاباتهم وأفلامهم ورسوماتهم، فهو أمر متوقع من أشد الناس كراهية وعداوة لهذا الدين ورسوله الكريم بنص القرآن الكريم {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:82]، أما أن ينحرف بعض شباب المسلمين عن فطرته السليمة، ويتنكب عن الجادة القويمة، إلى مهاوي المساس بشخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أمر في غاية الخطورة، ولا بد من معرفة أسبابه ومعالجتها بأسرع ما يمكن.



فقد انتفض الموريتانيون غضبا إثر وقوع جرم من هذا النوع في بلادهم، وخرجت المظاهرات في كل من العاصمة نواكشوط ومدينة نواذيبو شمال البلاد نصرة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وتنديدا بالتطاول على مقامه الكريم من قبل بعض الكتاب، منتقدين بعض المواقع الإلكترونية التي نشرت مقالاً مسيئًا خلال الأيام الماضية.



وتكمن المشكلة هذه المرة أن المدون والكاتب المسيء للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يكن يهوديًا أو صليبيًا، بل هو واحد من المسلمين المغيبين عن فهم أصول عقيدتهم وصحيح دينهم، شاب يدعى محمد ولد محمد الشيخ امخيطير نشر مقالا على الفيس بوك بعنوان: (الدين والتدين والمعلمين) أساء فيه فهم الدين الإسلامي والسيرة النبوية، ونسب فهمه الخاطئ هذا للنبي الكريم والإسلام، مما تسبب بموجة غضب عارمة في البلاد.



ومع الموافقة على إدانة أمثال هذه الأفعال وتجريمها، و تأييد مطالب الشعب الموريتاني بإنزال أقصى العقوبات على كاتب المقال وأمثاله من المتطاولين على الدين وشخص الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع تأييد تنفيذ مطلب مفتي موريتانيا الإمام أحمدو ولد لمرابط خلال خطبة الجمعة الماضية بالأخذ على أيدي السفهاء الذين يتطاولون على النبي الأعظم من قِبل السلطات الموريتانية، والذي تم على الأقل البدء بتنفيذه من خلال إلقاء الشرطة الموريتانية القبض على كاتب المقال، إلا أن ذلك كله لا ينبغي أن يشغلنا عن سبب وقوع الحادثة أصلاً في ديار الإسلام وعلى أيدي بعض المسلمين أنفسهم.



وإذا أضفنا إلى ذلك معلومات تفيد بأن أسرة كاتب المقال أسرة مسلمة محافظة، ويدل على ذلك براءة والد هذا الشاب وإخوته مما قال ابنهم أو كتب أخوهم، ومطالبتهم تطبيق شرع الله فيه، وإذا علمنا أن مصادر صحفية تؤكد أن والد كاتب المقال -ويعمل مساعدا لمحافظ مدينة نواذيبو- هو الذي سلم الشاب بنفسه لوحدات أمنية قائلا إنه "يتبرأ من أفعاله"، كما طالب السلطات بإنزال العقوبات المستحقة عليه، فإن موضوع البحث عن أسباب انحراف فطرة شبابنا وبناتنا إلى هذا الحد وطريقة معالجتها أهم بكثير من السب والشتم واللعن وأمثاله.



ولا يخفى على أحد من المسلمين الدور الكبير والأثر الخطير للتيارات الفكرية الوافدة على عقول وفطرة المسلمين في العالم الإسلامي، خاصة مع التقدم المذهل في الحصول على المعلومة من خلال وسائل الاتصال الحديثة التي غزت البيوت والجيوب، ولا يخفى أثر تسهيل دخول ثقافة التغريب إلى بلادنا -عبر بعض عملائهم وأزلامهم- لتعبث بإيمان المسلمين، عبر التشكيك من خلال إثارة الشبهات تارة، أو بإثارة الشهوات تارة أخرى.



ومع ضحالة تثقيف المسلمين بثوابت دينهم وأصول عقيدتهم، ومع ضعف الوازع الديني الناتج عن أزمة تربوية إيمانية أخلاقية علمية في العالم الإسلامي، ومع الانبهار الثقافي الناجم عن قوة الغرب وضعف المسلمين، تسللت الكثير من ثقافة الغرب إلى شباب المسلمين، تلك الثقافة التي تدس السم بالعسل –وإن لم يكن هناك عسل أصلاً– فالحرية الفردية تعني سب الدين وإهانة المقدسات واتباع الشهوات، وحقوق الإنسان مقصورة على العنصر الغربي، والديمقراطية حق للغرب حرام على المسلمين...الخ.



وبعيدًا عن مناقشة مقال الكاتب وتفنيد هرطقته وسوء فهمه لدينه، والذي كشفه بعض من رد عليه وعلى مقاله من الموريتانيين وغيرهم، فإن المشكلة الأهم هي في معالجة هذه الظاهرة قدر المستطاع، من خلال اتباع بعض الإجراءات الوقائية التالية:



1-   الاهتمام بنشر العقيدة الإسلامية الصحيحة على نطاق واسع، من خلال تدعيم مادة الدين الإسلامي في مدارس ومناهج الدول العربية والإسلامية، وانتقاء خيرة المدرسين لتولي شؤون تدريسها وتبسيطها إلى التلاميذ.



2-   عقد بعض الدروس والمحاضرات والندوات التي تشرح فيه أصول الدين وثوابت الشريعة، وتزيل أي شك أو لبس أو سوء فهم لأي مسألة إسلامية من خلال اتباع أسلوب السؤال والجواب في كل بلد عربي وإسلامي.



3-   مراقبة وسائل الإعلام والاتصال التي تدور حولها علامات استفهام، وذلك للحد من نشر أمثال هذه الترهات والأفكار التي تزعزع هيبة الإسلام في النفوس والعقول.



4-   سن القوانين التي تجرم كل ما يمس الدين الإسلامي، ووضع العقوبات الحاسمة والمناسبة مسبقا لجرائم الاعتداء على حرمة الأديان والمقدسات، حتى يتيقن الجميع أن العقوبة الشديدة تنتظر كل من تسول له نفسه المساس بحرمات المسلمين ومقدساتهم.



وإذا كانت معالجة المشكلة بعد وقوعها واجبًا وفرضًا، فإن الوقاية منها قبل وقوعها أشد وجوبًا وأكثر فرضيةً، وكما يقول المثل: (درهم وقاية خير من قنطار علاج).


عامر الهوشان