التعصب

{فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ . وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ} [النمل:42-43].

لما تقرأ الآية الأولى تنبهر بهذه العقلية الرائعة وهذه الإجابة النموذجية {كَأَنَّهُ هُوَ} التي تفنن المفسرون في بيان حكمتها ودقتها واختصارها و... و...
لكن تتعجب كيف ظلت هذه المرأة العاقلة الحكيمة القائدة الحليمة تعبد غير الله وتسجد لمخلوق يأفل ويغيب (الشمس)؟!
كيف لهذا العقل أن يرتكب مثل هذه السخافات ويقدم القرابين دون أن يفكر أو حتى يتساءل؟؟

تأتي الآية التي تليها مباشرة لتبين لك جواب هذا التعجب
لقد منعها من التفكير وصدها عن التساؤل وحرمها من البحث (تبعية القوم)
مسايرة التقاليد والتعصب للآباء فـ {إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ} [النمل من الآية:43].

لذلك لما ابتعدت عنهم ورأت اجتماع العلم مع الإسلام عند سليمان عليه السلام {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} [النمل من الآية:42] استطاعت أن تأخذ القرار الصحيح دون مؤثرات خارجية ونفسية و {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النمل من الآية:44] بأن منعتها من التفكير وحرمتها من البحث عن الحقيقة والآن أعترف بجريمتي وأعلن أني {أسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل من الآية:44].

ومثل هذا التعجب يحدث لي عندما ترى أخ فاضل ذكي على علم ويتعصَّب لشيخه أو دعوته أو حزبه في كل شيء دون تفكير أو بحث أو حتى تساؤل ...
عندئذ هو يحتاج إلى 1) أن يبتعد قليلاً عن المؤثرات .. 2) ويرى رؤية علمية قوية بديلة.
عندها يستطيع أن يأخذ القرار وبدون هذين الشرطين لن يتغير.

 

أحمد عبد المنعم

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام